يميل الرجال والنساء في الحب للاعتقاد أن الطرف الآخر يشعر بنفس المشاعر ويختبر نفس التجربة باعتبار أن الحب ذاته يجمعهما، لكن الحقيقة أن هناك فروقات جوهرية في الحب بين الرجل والمرأة، فالرجل يقع في الحب أسرع والمرأة تكون أكثر ثقةً بمشاعرها من الرجل، كما أن الرجل أقل قدرة على تجاوز ألم الفراق على عكس الصورة الذهنية الشائعة... والكثير من الفروق في الحب بين الذكور والإناث، والتي يسهّل إدراكها إدارة العلاقة العاطفية بنجاح.
يفسّر علم النفس الحب بين الرجل والمرأة بوصفه انجذاباً قوياً تتحكم به مجموعة معقدة من التفاعلات الجسدية والنفسية، حيث ينطوي الحب بين الرجل والمرأة على درجات مختلفة من الانجذاب العاطفي والجنسي والفكري، ويتأثر بشخصية الفرد وثقافته وبيئته وتفضيلاته، كما يتأثر بشدة بالسن والوعي الذاتي والتجارب السابقة.
عادةً ما تتصاعد مشاعر الحب بين الرجل والمرأة في لحظة ما لتبلغ ذروتها، قبل أن تخبو وتتراجع متأثرةً بالواقعية والتفكير العقلاني، وقد يكون هذا من أول الفروق في الحب بين الرجل والمرأة، فالرجل أسرع وقوعاً في الحب من المرأة لكنه سرعان ما يبدأ بمراجعة نفسه والتفكير إن كان هذا الحب حقيقياً، أما المرأة فهي تأخذ وقتها قبل أن تعترف لنفسها أنها وقعت في الحب وتكون متأكدة أكثر.
لذلك تواجه الكثير من النساء صعوبةً في التعامل مع تغيّر وتبدّل المشاعر الطبيعي أو فتورها النسبي بمرور الوقت، هذا الفتور أو التبدل الذي لا يعني نقصاً في الحب بقدر ما يشير إلى تغير الطريقة التي يجب أن يحب بها الشريكان بعضهما بعد تراجع انبهار البدايات.
إدراك الفروق في الحب بين الرجل والمرأة يساعد بشكل كبير على فهم المنعطفات التي تمر بها جميع العلاقات العاطفية تقريباً، ويساعد إدراك هذه الفوارق أيضاً على تقريب وجهات النظر وتجنب الصرعات العقيمة التي تحوّل العلاقة العاطفية إلى علاقة سامّة ومجهدة، وأهم الفوارق في الحب بين الرجال والنساء:
الصورة النمطية أن المرأة عندما تحب فهي تمنح كل طاقتها للعلاقة لأنها أكثر رومانسية وعاطفية بطبيعتها، ما يجعل مشاعر المرأة في الحب تبدو أقوى وأكثر عمقاً، لكن الحقيقة أن المختلف بين الرجل والمرأة في قوة الحب هو طريقة التعبير، بل أن الرجل غالباً ما يكون أكثر اندفاعاً في بداية العلاقة خصوصاً، ويمكن أن يقدم تنازلات وتضحيات أكثر لضمان الحصول على الرضا العاطفي.
في الحقيقية الحديث عن حب أقوى وحب أضعف فيه نوع من المغالطة! هناك فرد -رجل أو امرأة- يمتلك الوعي الذاتي الكافي الذي يجعله يدير علاقة عاطفية متوازنة لا يكون أحد أطرافها ضحية للآخر، ولا يتمسك أحد أطرافها بالعلاقة ويسعى لنجاحها أكثر من الآخر، مقابل أفراد -رجال أو نساء- متسرعون ولا يملكون ما يكفي من الخبرة والتجربة والوعي الذاتي، يتورطون في علاقات غير متوازنة والتزامات مرهقة، يكون فيها أحد أطراف العلاقة أكثر استعداداً للتضحية في سبيل استمرار العلاقة من الآخر! فيبدو حب الضحية أقوى وأعمق.
الصورة الذهنية أيضاً تشير إلى أن المرأة تعاني أكثر بعد الهجر والفراق، وتواجه صعوبة أكبر في تجاوز ألم الانفصال، لكن الحقيقة أن الرجال أيضاً يتألمون وبشدة من الفراق والانفصال والهجر، بل أن الرجال قد يعانون أكثر من النساء في محاولة نسيان الحب والخروج من الخيبة العاطفية، والاختلاف بين الرجال والنساء في طريقة التعبير عن الخيبة والألم وليس بسرعة نسيان الحب والشفاء من الجروح العاطفية.
غالباً ما يكون الرجل أكثر قدرة على كتم وإخفاء الألم العاطفي بعد الانفصال، ما قد يوحي أنه أكثر قدرة من المرأة على نسيان الحب، لكن الحقيقة أنه أكثر قدرة على الانهماك في حياته اليومية ومعالجة آلامه بعيداً عن الآخرين، فيما تحتاج المرأة للتعبير بشكل أوضح عن آلام الانفصال والخيبة العاطفية، وبالتأكيد هذا غير قابل للتعميم، حيث يرتبط نسيان الحب والشفاء من الجروح العاطفية بتجارب كلّ فرد وشخصيته وظروف العلاقة نفسها.
من الأسرار التي يجب أن تعرفها المرأة عن سيكولوجية الحب عند الرجال أن الرجل يستسهل الوقوع في الحب! يقع الرجال في الحب أسرع لأنهم لا يشعرون بعبء كبير عند الانسحاب من العلاقات العاطفية أو حتى الانفصال، كما أن الرجال -الصيادون بطبيعتهم- ينجذبون بشكل أسرع للجنس الآخر.
الرجال يمتلكون حساسية مرتفعة للانجذاب البصري! والحافز الجنسي يلعب دوراً أكبر في اختيار الشريك، بل قد يتوهم الرجل الحب تحت وطأة الانجذاب الجنسي والانبهار البصري، فيتسرع بالاعتراف بالحب، ثم يكتشف أن مشاعره مشوشة وغير واضحة بعد زوال الانبهار وتراجع الحافز، وهذه الطبيعية البصرية الجنسية للرجال تفسير أيضاً وجود عدد كبير من الصناعات الترفيهية القائمة على إغواء الرجال، دون وجود مكافئ لها لإغواء النساء!
هذا يقودنا إلى أحد أهم الفروق السيكولوجية في الحب بين الرجال والنساء، بل وأكثرها تعقيداً، وهو قدرة الرجل على الفصل بين الجنس كممارسة جسدية من جهة والعاطفة من جهة أخرى، مقابل حاجة المرأة لبناء الروابط العاطفية كمقدمة ضرورية لا بد منها للعلاقة الجنسية، وهذا ما قد يفسر أن خيانة الرجل للمرأة في الحب لا تعني بالضرورة أنه لا يحبها! فيما تدل خيانة المرأة لشريكها غالباً أنها فقدت اهتماها به وتبحث عن إشباع حاجة عاطفية أكثر منها جنسية!
وما قد لا تعرفه المرأة عن سيكولوجية الرجل في الحب أن الرجال يميلون لمعالجة مشاعرهم داخلياً، على عكس النساء اللواتي يملن غالباً إلى معالجة المشاعر والأفكار من خلال السماح لها بالخروج بصورة لفظية صريحة أو سلوكية، حيث تشعر المرأة بالرضا عندما تستطيع التعبير عمّا تشعر به أو تفكر به لشريكها أو لأشخاص آخرين، فيما يميل الرجل للكتمان ومحاولة معالجة مخاوفه وشكوكه ومشاعره السلبية بشكل منفرد.
من الأمور التي قد لا يعرفها الرجال عن سيكولوجيا المرأة في الحب؛ أن النساء أكثر حذراً في الوقوع بالحب لأنّهن لا ينتظرن من الشريك الاهتمام العاطفي فحسب، بل أيضاً يبحثن عن أفضل والد لأبنائهن، حيث يفسر علم النفس التطوري تردد المرأة في بداية العلاقة العاطفية أنه يرجع لرغبة المرأة في الحصول على الرجل الكفؤ والمناسب لإنجاب الأطفال وتحمّل مسؤولية الأسرة.
ولذلك أيضاً تكون المرأة أكثر ثقة بمشاعرها لأنها تأخذ ما يكفي من الوقت لاختبار شريكها المحتمل، وتكون أكثر قدرة على اتخاذ قرارا إنها العلاقة إذا شعرت أن الشريك ليس الأب المناسب والزوج المستقبلي الذي تريده فعلاً، مع ذلك هذا ليس قابلاً للتعميم، وليس من المستغرب أن تجد امرأة تتورط في الحب مع أسوأ رجل ممكن ولا تستطيع الفكاك من العلاقة بسهولة، لأن الوقوع في الحب يتأثر بالشخصية والتجارب المبكرة في الحياة، وليس فقط بما ورثناه من أسلافنا.
ومن الأسرار المهمة في سيكولوجية المرأة في الحب والتي يجب على الرجل فهمها، أن اهتمامات وحاجات الرجل من العلاقة العاطفية وإن تشابهت في التطلعات طويلة الأمد لكنها تختلف جذرياً في الحياة اليومية والممارسات ذات الصفة الدورية، فالرجل مثلاً قد لا يهتم كثيراً بالتعبير اللفظي عن الحب، فيما تهتم المرأة عادةً بالتعبير عن استمرار الحب، تصريحاً وتلميحاً، قولاً وفعلاً.